أن الله سبحانه وتعالى يريد للناس أن يخلصوا له، فيكون عملهم كما
تحدث الله عنه في سورة الإنسان عن أهل البيت (ع)، عندما ضحوا
بإفطارهم للمسكين واليتيم والأسير:
(ويطعمون الطعام على حبه)، والمقصود إما حب الله سبحانه وتعالى،
وإما حب الطعام مع حاجتهم إليه، (مسكينا ويتيما وأسيرا* إنما نطعمكم
لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)، أي أن يتحرك الإنسان في كل
أعمال الخير التي يحبها الله سبحانه وتعالى لوجه الله.
وهذا ما أراد الإسلام من الناس أن يربوا أنفسهم عليه، وهو أن
يتحركوا في عبادتهم بقصد القربة إلى الله؛ فالصلاة لا تصح إلا إذا
أتى الإنسان بها بقصد القربة، والصوم لا يصح إلا بذلك، والحج والعمرة
كذلك. وعندما يريد الإنسان من الله الثواب على أي عمل من أعماله،
فإن عليه أن يقصد القربة إلى الله في عمل الخير، وإن لم يكن قصد
القربة شرطا في غير العبادات.
فالله سبحانه وتعالى؛يريد ان يربي الانسان من خلال العبادة أن تكون
اعماله قربة الى الله سبحانه وتعالى, لأن الإنسان إذا قام بالعمل قربة
إلى الله، فإنه يعطي الله عهدا من خلال هذه النية، بأني يا رب أصلي
لأتقرب إليك، ومعنى ذلك: أنا أعطيك عهدا بأن أقوم بالعمل لأكون قريبا
منك، ولأكون في مواقع القرب عندك.
وهذا يعطي الإنسان نوعا من الإيحاء بأن لا يقوم بأي عمل من الأعمال
التي تبعده عن الله سبحانه وتعالى. كما أننا نستوحي من تشريع الصلوات
الخمس، أن الله أراد للإنسان أن يعيش الإخلاص له من الفجر- عندما
يصلي الصبح- إلى الزوال، بحيث تكون كل أعماله مقربة إلى الله، من
حيث تنهاه الصلاة عن الفحشاء والمنكر، وتأمره بكل ما يقربه من الله تعالى،
ثم يعيش هذا الإخلاص من الزوال إلى العصر، ثم من العصر إلى المغرب،
ومنه إلى العشاء، حتى يكون كل يومه تقربا إلى الله سبحانه وتعالى،
من أجل أن يتربي في وجدانه على أساس أن يكون عمله قربة إلى الله
سبحانه وتعالى.