«تساءلوا: كيف تقول:
|
هذى بلاد لم تعد كبلادى؟!
|
فأجبت:
|
هذا عتاب الحب للأحباب»
|
لا تغْضَبى من ثوْرَتِى.. وعتابى
|
مازالَ حُّبكِ محنتى وعذابى
|
مازالتِ فى العين الحزينةِ قبلة ً
|
للعاشقين بسحْركِ الخَلاَّبِ
|
أحببتُ فيكِ العمرَ طفلا ً باسما
|
جاءَ الحياة َ بأطهر الأثوابِ
|
أحببتُ فيكِ الليلَ حين يضمنا
|
دفءُ القلوبِ.. ورفقة ُ الأصحابِ
|
أحببتُ فيكِ الأم تسْكنُ طفلهَا
|
مهما نأى.. تلقاهُ بالترْحَابِ
|
أحببتُ فيكِ الشمسَ تغسلُ شَعْرها
|
عندَ الغروبِ بدمعها المُنسَابِ
|
أحببتُ فيكِ النيلَ يجرى صَاخبا
|
فيَهيمُ رَوْضٌ..فى عناق ِ رَوَابِ
|
أحببتُ فيكِ شموخَ نهر جامح ٍ
|
كم كان يُسكرنى بغير شَرَابِ
|
أحببتُ فيكِ النيلَ يسْجُد خاشعِا
|
لله ربا دون أى حسابِ
|
أحببتُ فيكِ صلاة َ شعبٍ مُؤْمن
|
رسمَ الوجودَ على هُدَى مِحْرَابِ
|
أحببتُ فيكِ زمانَ مجدٍ غَابر ٍ
|
ضيَّعتهِ سفها على الأذنابِ
|
أحببتُ فِى الشرفاء عهدًا باقيا
|
وكرهتُ كلَّ مُقامر ٍ كذابِ
|
إِنى أحبكِ رغم أَنى عاشقٌ
|
سَئِم الطوافَ.. وضاق بالأعْتابِ
|
كم طاف قلبى فى رحابكِ خاشعًا
|
لم تعرفى الأنقى.. من النصابِ
|
أسرفتُ فى حبى.. وأنت بخيلة ٌ
|
ضيعتِ عمرى.. واسْتبَحْتِ شَبَابى
|
شاخت على عينيكِ أحلامُ الصبا
|
وتناثرت دمعا على الأهدابِ
|
من كان أولى بالوفاء ؟!.. عصابة َُ
|
نهبتكِ بالتدليس.. والإرهابِ ؟
|
أم قلبُ طفل ذاب فيك صبابة ً
|
ورميتهِ لحمًا على الأبوابِ ؟!
|
عمر من الأحزان يمرح بيننا..
|
شبحُ يطوف بوجههِ المُرْتابِ
|
لا النيلُ نيلكِ.. لا الضفافُ ضفافهُ
|
حتى نخيلك تاهَ فى الأعشابِ !
|
باعُوكِ فى صخبِ المزادِ.. ولم أجد
|
فى صدركِ المهجور غيرَ عذابى
|
قد روَّضُوا النهرَ المكابرَ فانحنى
|
للغاصبين.. وَلاذ بالأغْرَابِ
|
كم جئتُ يحملنى حَنِينٌ جارفٌ
|
فأراكِ.. والجلادُ خلفَ البَابِ
|
تترَاقصين على الموائد فرحة ً
|
ودَمِى المراقُ يسيل فى الأنخابِ
|
وأراكِ فى صخب المزاد وليمة ً
|
يلهو بها الأفاقُ.. والمُتصابى
|
قد كنتُ أولى بالحنان ِ.. ولم أجدْ
|
فى ليلِ صدرك غيرَ ضوءٍ خابِ
|
فى قِمة الهَرَم ِ الحزين ِ عصابة ٌ
|
ما بين سيفٍ عاجز ٍ.. ومُرَابِ
|
يتعَبَّدُون لكل نجم ٍ سَاطِع ٍ
|
فإذا هَوَى صاحُوا: «نذيرَ خَرَابِ»
|
هرمُ بلون ِالموت ِ.. نيلٌ ساكنٌ
|
أسْدٌ محنطة ٌبلا أنيَابِ
|
سافرتُ عنكِ وفى الجوانح وحشة ٌ
|
فالحزنُ كأسِى.. والحَنِينُ شَرَابى
|
صوتُ البلابل ِغابَ عن أوكاره
|
لم تعبئى بتشردى.. وغيابى
|
كلُّ الرفاق رأيتهم فى غربتى
|
أطلالَ حُلم.. فى تلال ِ ترَابِ
|
قد هاجروا حُزْنا.. وماتوا لوعة ً
|
بين الحنين ِ.. وفرقةِ الأصحابِ
|
بينى وبينك ألفُ ميل ٍ.. بينما
|
أحضانك الخضراءُ للأغْرَابِ!
|
تبنين للسفهاء عشا هادئا
|
وأنا أموتُ على صقيع شبابى !
|
فى عتمةِ الليل ِ الطويل ِ يشدنى
|
قلبى إليكِ.. أحِنُّ رغم عذابى
|
أهفو إليك.. وفى عُيُونِكِ أحتمى
|
من سجن طاغيةٍ وقصفِ رقابِ
|
* * *
|
هل كان عدلا ً أن حبَّكِ قاتلى
|
كيف استبحتِ القتلَ للأحبابِ؟!
|
ما بين جلادٍ.. وذئب حاقدٍ
|
وعصابةٍ نهبتْ بغير ِ حسابِ
|
وقوافلٍ للبُؤس ِ ترتعُ حولنا
|
وأنين ِ طفلٍ غاص فى أعصابى
|
وحكايةٍ عن قلبِ شيخ عاجز
|
قد مات مصلوبًا على المحرابِ
|
قد كان يصرخ: «لى إلهٌ واحدٌ
|
هو خالق الدنيا.. وأعلمُ ما بى»
|
ياربِّ سطرت الخلائقَ كلهَّا
|
وبكل سطر ٍ أمة ٌ بكتابِ
|
الجالسونَ على العروش توحَّشُوا
|
ولكل طاغيةٍ قطيعُ ذئابِ
|
قد قلتُ:إن الله ربٌّ واحدٌ
|
صاحوا:»ونحن» كفرتَ بالأرْبَابِ؟
|
قد مزَّقوا جسدى.. وداسُوا أعظمى
|
ورأيتُ أشلائى على الأبوابِ
|
* * *
|
ماعدتُ أعرفُ أيْنَ تهدأ رحلتى
|
وبأى أرض ٍ تستريح ركابى
|
غابت وجوهٌ.. كيفَ أخفتْ سرَّها ؟
|
هرَبَ السؤالُ.. وعز فيه جوابى
|
لو أن طيفا عاد بعد غيابه
|
لأرى حقيقة رحلتى ومآبى
|
لكنه طيفٌ بعيدٌ.. غامضٌ
|
يأتى إلينا من وراء حجابِ
|
رحل الربيعُ.. وسافرت أطيارُه
|
ما عاد يُجدى فى الخريفِ عتابى
|
فى آخر المشوار تبدُو صورتى
|
وسْط َ الذئاب بمحنتى وعذابى
|
ويطل وجهُك خلفَ أمواج ِ الأسى
|
شمسًا تلوِّحُ فى وداع ِ سحابِ
|
هذا زمانٌ خاننى فى غفلةٍ
|
منى.. وأدْمى بالجحودِ شبابى
|
شيَّعتُ أوهامى.. وقلتُ لعَلنى
|
يوما أعودُ لحكمتى وصوابى
|
كيف ارْتضيتُ ضلالَ عَهْدٍ فاجر
|
وفسادَ طاغيةٍ.. وغدرَ كِلابِ؟!
|
ما بين أحلام ٍ توارى سحْرُها
|
وبريق ِ عُمر صارَ طيفَ سَرَابِ
|
شاختْ ليالى العُمر منى فجأة ً
|
فى زيف حلم ٍ خادع كذابِ
|
لم يبق غيرُ الفقر يسْتر عَوْرَتى
|
والفقرُ ملعونٌ بكل كِتابِ
|
سِربُ النخيل ِعلى الشواطئ ينحَنى
|
وتسيلُ فى فزع ٍ دِماءُ رقاب ِ
|
ما كان ظنى أن تكونَ نهايتى
|
فى آخر المشوار ِ دَمْعَ عتابِ!
|
ويضيعُ عمرى فى دروبَ مدينتى
|
ما بين نار القهر ِ.. والإرْهابِ
|
ويكون آخرَ ما يُطلُّ على المدى
|
شعبٌ يُهرْولُ فى سوادِ نقابِ
|
وطنٌ بعَرض ِالكون ِيبدو لعبة ً
|
للوارثين العرشَ بالأنسابِ
|
قتلاكِ يا أمَّ البلادِ تفرقوا
|
وتشردُوا شِيَعًا على الأبْوَابِ
|
رَسَمُوكِ حُلما..ثم ماتوا وَحشة ً
|
ما بين ظلم ِ الأهل ِ.. والأصْحَابِ
|
لا تخجلى ِ إن جئتُ بابَكِ عاريا
|
ورأيتِنى شَبَحا بغير ثيابِ
|
يَخْبُو ضياءُ الشمس ِ.. يَصغُر بيننا
|
ويصيرُ فى عَيْنى.. كعُودِ ثقابِ
|
والريحُ تزأرُ.. والنجومُ شحيحة ٌ
|
وأنا وراءَ الأفق ِ ضوءُ شهابِ
|
غضبٌ بلون العشق ِ.. سخط ٌ يائسٌ
|
ونزيفُ عمر ٍ.. فى سُطور كتابِ
|
رغْمَ انطفاءِ الحُلِم بين عيوننا
|
سيعودُ فجرُكِ بعدَ طول غيابِ
|
فلترحمى ضعْفِى .. وقلة َ حِيلتى
|
هذا عِتابُ الحُبِّ.. للأَحْبابِ
|