أصبح الكل مهووساً بالريجيم الذى كل يوم نجد نظاماً جديداً فيه، فمن نظام غذائى
قليل الدهون الى آخر قليل النشويات إلى ثالث قائم على الجمع بين أصناف معينة
بحيث أصبحت تحاصرنا فى المجلات وفى أفضل الكتب مبيعاً فيحوز بعضها على
شعبية دائمة بينما يذهب البعض الآخر طى النسيان.
وفى الوقت ذاته يصر خبراء الأنظمة الغذائية على نصيحتهم الخالدة: فقدان الوزن
يعنى طعاماً أقل ورياضة أكثر، إلا أننا جميعنا نعرف أن هذا الهوس لا يدوم طويلاً،
فلماذا نلهث خلف أنظمة الريجيم المختلفة؟.
غالباً ما تكون الأنظمة الغذائية عبارة عن برامج يتبعها راغبو التخسيس لأسابيع قليلة.
بيد أن خبراء التغذية يصرون على أن الطريقة المثلى لفقدان الوزن هى تغيير نمط
الحياة إلى الأبد؛ ذلك أن البشر يحبون أن تكون الفائدة التى يحصلون عليها جراء تغيير
سلوكياتهم أكبر مما يخسرونه فى سبيل ذلك، كما تقول الدكتورة روبى اوزبورن
اختصاصية التغذية وعلم النفس التربوي في جامعة إنديانابوليس بولاية إنديانا.
وتضيف اوزبورن قائلة إنه بالنسبة للكثير من متبعى الأنظمة الغذائية يكون هناك
عبء نفسي هائل عليهم جراء تخليهم عن أنماط حياتهم التى تسبب زيادة أوزانهم
لذا فهم يلجأون إلى اختيار الحل السريع، فعلى سبيل المثال هم لايفكرون فيما اذا
كان النظام الغذائى الذى تتبعه إحدى الجميلات من المشاهير نظاماً صحياً أو حتى
منطقياً، بل إن كل مايفكرون به هو أنهم يحبون مظهرها ويودون لو أصبحوا مثلها،
وهكذا نجد أن صيحات الريجيم هذه تتناسب أكثر مع الباحثين عن الخيلاء والتفاخر
الزائف لا عن الصحة والجسم السليم فينصب كل تركيزهم على فقدان الإنشات
والأرطال لا على تقليل مخاطر الإصابة بداء السكرى أو أمراض القلب.
وتقول أوزبورن: "إنهم مدفوعون برغبتهم فى تغيير مظهرهم لا الحفاظ على صحتهم
وربما كانت هذه إحدى المشكلات التى نواجهها كأخصائيي صحة وتغذية لأننا نركز
كثيراً على العواقب الصحية على المدى الطويل أكثر من مجرد المظهر فنحن نريد
أن يرتاح الناس لمظهرهم على أن يكونوا أكثر اهتماماً بصحتهم".
صيحات الريجيم ليست بالأمر الجديد على الرغم من أن من يصدرون صيحات الأنظمة الغذائية يدعون أنها جديدة تماماً
إلا أن أغلبها يعود الى ما يزيد عن قرن من الزمان كما تقول الدكتورة كيلى براونيل
مديرة مركز مشاكل التغذية والوزن بجامعة يال. فعلى سبيل المثال:
"ظهر النظام الغذائى عالى البروتينات قليل النشويات فى عام 1863 على يد ويليام
بانتينج.
"نظرية الدكتور النيويوركى ويليام هاوارد هاى حول عدم الجمع بين البروتينات
والنشويات فى وجبة واحدة كانت ذائعة الصيت فى العشرينيات والثلاثينيات من
القرن الماضى.
" فكرة النظام الغذائى "الطبيعى" يعود تاريخها الى 170 عاماً مضت حيث تحدث
عنها القس سيلفستر جراهام فى محاضراته للأمريكيين عام 1830 .
وبغض النظر عن مدى قدم هذه الافكار إلا أن الناس لا يزالون يتعلقون بها.
تقول الدكتور أوزبورن: "يميل البشر الى الافتتان بتلك الأمور التى تزيل الغموض
عما يحيرهم كأن يقال لهم إن هناك هرموناً سحرياً أو شيئاً ما فى فصيلة دمك
يحتم عليك أن تجمع بين أطعمة معينة حتى يتم هضمها بشكل معين داخل
جسدك. فهم لن يقنعون الا بكلام كهذا وليس الأمر بهذه البساطة كأن يقال أنت
بحاجة الى التقليل من الطعام والاكثار من الرياضة".
وتستطرد قائلة: "إن التخبط بشأن التغذية هو السبب الأول لتواجد صيحات الريجيم
فلو تعلمنا كيف نأكل لما كانت هناك حاجة الى كتب الريجيم. فالكثيرون لا يعرفون
ماذا يفعلون وأعتقد أن بعض صيحات الأنظمة الغذائية المتزمتة تقدم لهم الحل لأنها
تجعلهم يشعرون بالراحة حيث لا تترك لهم مساحة للتخمين".
فقدان الوزن السريع ليس أمراً جيداًوتتشابه جميع الأنظمة الغذائية من حيث ما تعدك به من فقدان سريع للوزن الا أن
خبراء التغذية ينصحون بفقد ما لا يزيد عن رطلين فى الأسبوع.
وتقول مارثا ماكيتريك اخصائية النظم الغذائية بمستشفى نيويورك ومركز كورنيل الطبى:
"إن أى نظام غذائى يؤدى إلى فقدان أكثر من رطل أو رطلين أسبوعياً فإن معظم هذا
الوزن المفقود سيكون من سوائل الجسم فمن المستحيل أن يفقد الإنسان أكثر من
رطل أو اثنين من دهون الجسم فى أسبوع واحد إلا إذا كان وزنه لا يقل عن 500
رطل تقريباً".
وتضيف ماكيتريك: الأنظمة الغذائية التى تمنع أو تضع قيوداً صارمة على تناول النشويات
قد تؤدى إلى فقدان سريع للوزن فى البداية ولكن يعود السبب فى ذلك إلى أن حرمان
الجسم من النشويات يؤدى إلى استنزاف مخزونه من الماء، غير أن هذا الوزن يعود فور
العودة الى تناول النشويات مجدداً.
إنها الدهون وليس الماء هى ما نريد التخلص منه كما أننا لا نريد بالتأكيد التخلص من
الأنسجة العضلية الضعيفة التى سيبدأ الجسم فى استبدالها إذا لم يصله ما يكفيه
من الغذاء.
وهكذا فإذا انخفض ما تتناوله من سعرات حرارية بشكل زائد عن الحد فإن ذلك
سيؤدى الى إبطاء أيضك وفقدان الكتلة العضلية بجسمك، على حد قول ماكيتريك.
الحل على المدى القصيرإذا كنت لاتزال مقتنعاً بإحدى صيحات الريجيم فيمكنك تجربتها ولكن فقط على المدى
القصير وذلك لحين تمكنك من البدء فى فقدان بعض الوزن ثم تتخذ سبيلك بعد ذلك نحو
إيجاد نمط أكثر صحة لحياتك بحيث يشجعك ذلك على ممارسة التمارين الرياضية أو
الذهاب إلى صالات التريض.
ويبقى الحفاظ على الوزن المثالى على المدى البعيد هو الأهم من فقدانه بشكل
سريع لذا فقد يكون الحل الأفضل للتوقف عن اتباع صيحات الريجيم المختلفة هو فقدان
الوزن على الطريقة القديمة.
ونقدم لكم فيما يلى بعض النصائح الناجحة والمجربة لمساعدتك على تنمية بعض العادات
الصحية لديك:
"سجل كل ما تأكله. فإذا شعرت أنك بحاجة إلى اتباع نظام يساعدك على فقدان الوزن
سجل كل ما يدخل جوفك لمدة أسابيع قلائل فسيعينك ذلك على التعرف على عاداتك
السيئة وسيمنحك فكرة عامة حول عدد السعرات الحرارية فى كل صنف من الأطعمة
المختلفة
-حرك جسمك، مارس أحد أنشطتك المفضلة بشكل منتظم لأكثر من 20 دقيقة، فلو أنك
تستمتع بذلك النشاط فسوف تنتظم فى تأديته. ولا يلزمك هنا أن تمارس رياضة حقيقية
لتنشيط جسدك بل يكفى أن تمشى لمدة 10 دقائق كبداية على أن تطور من نشاطك.
"ضع هدفين صغيرين لكل أسبوع، على سبيل المثال، إذا كنت تحب تناول الفطائر
المحلاة عليك بألا تقربها لمدة أسبوع. وبدلاً من ذلك زد من الجرعة اليومية لما تتناوله
من أحد الأطعمة الصحية كالفاكهة أو الخضراوات مثلاً. فإن نجحت فى تحقيق هذا
الهدف الصغير فسوف تشعر بالرضا عن نفسك ويكون ذلك دافعاً لك على اتباع سلوكيات
صحية.
"جرب أشياء جديدة، تناول الأطعمة الصحية التى تحبها وجربها بنكهات مختلفة حتى
تتغلب على اشتياقك للأطعمة الجاهزة فمن المؤكد أن هناك أنواعاً عديدة من
الخضراوات والفاكهة التى لم تجربها قبل ذلك.
"اسمح لنفسك بتناول الحلوى، ولتكافئ نفسك بنوع الحلوى ذات السعرات
الحرارية المرتفعة التى تفضلها من آن لآخر، فلا تسرف فى تناولها ولكن لا تسبب
التعاسة لنفسك أيضاً.