التابعي اياس بن معاويه المزني..

التابعي اياس بن معاويه المزني

بات امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ليلته تلك ارقا

مسهدا لم يغتمض له جفن ولم يطمان له جنب

فلقد كان يشغله في تلك الليله الباردة من ليالي دمشق

امر اختيار قاض للبصرة يقيم بين الناس موازين العدل

ويحكم فيهم بما انزل الله ولا تاخذة في الحق رهبة ولا رغبه...

ولقد وقع اختيارة على رجلين اثنين كانا متساويين بالعلم

وفقها بالدين وصلابه في الحق ووضاءه في الفكر وثقوبا في النظر

وكان كلما وجد في احدهما مزيه ترجحه على صاحبه ألفى في الاخرة

ما يقابل هذه المزية .

فلما اصبح دعاواليه على العراق عدي ابن أرطاه – و كان يومئذ عنده

في دمشق و قال له : يا عدي ...

اجمع بين اياس بن معاوية المزني و القاسم ابن ربيعة و

كلمهما في امر قضاء البصرة ,

و ول احدهما

فقال : سمعا و طاعة يا امير المؤمنين

جمع عدي بن ارطاه بين اياس و القاسم و قال :

ان امير النؤمنين – اطال الله بقاءه –

امرني ان اولي احدكما قضاء البصرة

فماذا تريان ؟

فقال كل منهما عن صاحبه : انه اولى منه بهذا المنصب .

و ذكر من فضله و علمه و فقهه ما شاء الله أن يذكر .

فقال عدي : لن تخرجا من مجلسي هذا حتى تحسما هذا الامر .

فقال له اياس : ايها الامير سل عني و عن قاسم فقيهي العراق : الحسن البصري

و محمد بن سيرين فهما اقدر الناس على التميز بيننا .

و كان القاسم يزورهما و يزاورانه و اياس لا تربطه بهما

رابطه ....

فعلم القاسم ان اياسا اراد ان يورطه .

و ان الامير اذا استشارهما اشارا به دون صاحبه .

فما كان من الا ان الفت الى الامير و قال :

لا تسل احدا عني و لا عنه – ايها الامير –

فوالله الذي لا اله الا هو ان اياسا افقه مني في دين الله

و اعلم بالقضاء .....

فإن كنت كاذبا في قسمي هذا فما يحل لك ان توليني القضاء و

انا اقترف الكذب .....

و ان كنت صادقا فلا يجوز لك ان تعدل عن الفاضل

و المفضول ....

فالتفت اياس الى الامير و قال :

ايها الامير .

انك جئت برجل و دعوته الى القضاء فأوقفته على شفير جهنم

فنجى نفسه منها بيمين كاذبه لا يلبث ان يستغفر الله منها و ينجو بنفسه مما يخاف .

فقال له عدي : ان من يفهم مقل فهمك هذا لجدير بالقضاء حري به .

ثم ولاه قضاء البصرة .

» التابعي عروة بن الزبير...