يعتقد المصابون بزيادة في الوزن، غالباً، أنهم ربما يعانون من مشكلة في
الكيمياء الحيوية الخاصّة بأجسامهم تسبّب لهم اضطرابات في معدّل التمثيل
الغذائي، وبالتالي في بطء معدّل الأيض لديهم. ولكن، تفيد مراكز التحكّم
والوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة الأميركيةCenters for Disease Control
and Prevention (CDC) أن معدّل الأيض لدى البدناء يكون أسرع من المتوسّط
مقارنة بالنحفاء، إذ أن الفئة الأولى تحتاج إلى طاقة أكبر كي تتمكّن من
تحريك الأرطال الزائدة في أجسامها. ومن جهة أخرى، تثبت نتائج الدراسة
الصادرة عن هذه المراكز أن انخفاض معدّل التمثيل الغذائي يُعزى في حوالي
90% من الحالات، إمّا إلى عدم الحصول على التغذية المناسبة أو إلى زيادة
الدهون في الجسم أو الخمول وضعف النشاط البدني، بينما يمثّل الاستعداد
الوراثي نسبة 10% من الحالات حصراًَ.
يستخدم العلماء مصطلح "التمثيل الغذائي" للإشارة إلى العمليات الكيميائية
التي تحدث داخل الجسم وتمكّنه من البقاء والنمو والتكاثر. ويرى الباحثون
في "منظمة الصحة العالمية" أن تفاوت معدّلات الأيض الغذائي ما بين مستويات
بطيئة ومعتدلة وسريعة يٌعزى إلى أسباب عدة، أهمّها:
- العمر: يبلغ الوزن الحدّ الأعلى له في مرحلة الأربعين والخمسين
نتيحةً لانخفاض مستوى النشاط بشكل تدريجي، وليس بسبب تناول كمية
أكبر من الطعام. وتفيد إحصائية صادرة عن "منظمة الصحة العالمية" أن غالبية
البالغين قد يكتسبون من 9 كيلوغرامات إلى 11 كيلوغراماً في المرحلة الممتدة
بين سنّ 20 و55 عاماً، في حال التراجع عن القيام بأية خطوات صحية تمنع
حدوث هذه الزيادة (ممارسة الرياضة أو اتباع حمية لخفض الوزن). وتخلص
هذه النتائج إلى أنه كلّما يتقدّم العمر، يتناقص الاستقلاب الأساسي في
الجسم.
- نوع النشاط: توضح الدراسات التي أجريت في عيادات "مايو كلينيك"
بولاية مينسوتا في الولايات المتحدة الأميركية أن من يعانون من السمنة،
يستهلكون سعرات حرارية أقلّ من تلك التي يستهلكها النحفاء عند القيام
بالأنشطة اليومية العادية، نظراً إلى أنهم يظلّون بلا حركة لفترات طويلة،
كما أن حركتهم تتّسم بالبطء الشديد. وقد خلصت هذه الدراسات إلى أن
الاعتياد على ممارسة الأنشطة اليومية، يساعد على بقاء معدّل الأيض
مرتفعاً ويحارب زيادة الوزن حتى في حالات تقدّم العمر.
- الجنس: يؤكّد باحثون من "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" أن المرأة
تحتاج إلى طاقة أقلّ من الرجال، نظراً إلى زيادة معدّل النشاط البدني الذي
يقوم به الرجل يومياً مقارنة بالمرأة. وبناءً عليه، قد تحتاج المرأة من 1600
إلى 1800 سعرة حرارية تقريباً في اليوم، بينما يحتاج الرجل من 2200 إلى
2400 سعرة حرارية، وذلك حسب الوزن ونوع المجهود المبذول.
- الحال الصحية: تسبّب الإصابة ببعض الأمراض النفسية والصحية
(القلق والتوتّر وقلّة النوم وكسل الغدّة الدرقية وارتفاع حرارة الجسم عن
معدّلها الطبيعي...) انخفاضاً في معدّل الأيض الغذائي في الجسم. وفي
هذا الإطار، يوضح أطباء من "جمعية الطب الرياضي في الولايات المتحدة
الأميركية" The American College of Sports Medicine (ACSM)، أنّه لدى
ارتفاع درجة حرارة الجسم درجة واحدة تفوق 37 درجة مئوية، يزداد الاستقلاب
الخلوي (الأيض) بمعدّل 7% تقريباً.
- حجم الدهون: يوضح باحثون من جامعة "هارفارد" أن مقدار أنسجة
العضلات الخالية من الدهون تساعد على تنشيط عمليات الأيض الغذائي
بالجسم، إذ أن العضلات أكثر كفاءة من الدهون في إحراق الطاقة والاستفادة
منها في زيادة مستوى النشاط البدني.
8 طرق صحيّة لتنشيط الأيضيعدّد الباحثون في "وكالة الصحة الكندية" طرقاً ثماني صحيّة تهدف إلى تنشيط
معدّل التمثيل الغذائي، تظهر نتائجها في فترة تلي 8 إلى 12 شهراً من
المواظبة عليها، وهي:
1
- وجبة الفطور: يؤكّد الباحثون في "منظمة الغذاء والدواء الأميركية"
على أهمية وجبة الفطور في تنشيط معدّل التمثيل الغذائي في الجسم،
إذ يؤدّي تفويت وجبة الفطور إلى خفض معدّل السكر في الدم بشكل كبير
مسبّباً نوبات الجوع، ما يزيد الشهيّة إلى الأطعمة السريعة معدومة القيمة
والمحتوية على نسبة عالية من الدهون المشبعة، الأمر الذي يقود نحو
الشعور بالخمول وقلّة الحركة، وبالتالي بطء الأيض. وينصح الخبراء بتناول
الحبوب الغذائية غير المعالجة الغنية بالألياف كحبوب الفطور المعدّة من
الشوفان أو رقائق الذرة قليلة الدسم، فضلاً عن ثمرة من الفاكهة الطازجة.
2- تناول الماء: ثمّة فوائد عدّة للماء، أبرزها تنقية الجسم من
السموم وتخليصه من الشوادر الحرّة فيه. وتثبت بحوث الكيمياء الحيوية الصادرة
عن "مايو كلينيك" أن الإكثار من تناول الماء ينشّط معدّل الإحراق ويزيد من كفاءة
الدورة الدموية في الجسم. ويرى خبراء "مايو كلينيك" أن هناك عدداً من الناس
قد يخلطون بين شعورهم بالجوع وشعورهم بالظمأ، الأمر الذي يدفعهم إلى
تناول الطعام بدلاً من شرب الماء، وبالتالي تعريضهم إلى مشكلات صحيّة
عدّة تنتج عن نقص السوائل في الجسم (قصور الكلى وزيادة نسبة الأملاح
في الجسم وزيادة كميّة الدهون في أنسجة الجسم الشحمية) والتي تقود
بدورها إلى إبطاء الأيض وزيادة الوزن. لذا، يقترح الباحثون طريقة جديدة لكيفية
حساب كمية الماء التي يحتاجها الجسم يومياً للقيام بوظائفه الحيوية، وذلك
من خلال قسمة وزن الجسم على 28، ويمثّل الناتج عدد اللترات التي يجب
تناولها يومياً من الماء.
3- التمرينات الهوائية: ممّا لا شك فيه أن الامتناع عن ممارسة الرياضة
قد يؤدي إلى جملة من المشكلات الصحيّة، أبرزها: خمول الجهاز اللمفاوي
وضعف الدورة الدموية وزيادة فرص الإصابة بالسكري وأمراض القلب والأوعية
الدموية والتهاب المفاصل، فضلاً عن بعض الأمراض النفسية (الاكتئاب والأرق).
لذا، يعتبر اختصاصيو اللياقة أن تحريك العضلات من خلال أداء بعض التمرينات
الهوائية (الايروبيك) والتي تستهلك كميات كبيرة من الأوكسجين هي طريقة
مثالية لتنشيط الجهاز اللمفاوي وتحفيز عمليات التمثيل الغذائي. وفي هذا الإطار،
يوصى بممارسة 45 دقيقة على الأقل من التمرينات الهوائية (المشي والركض
والأيروبيك والرقص الإيقاعي) بمعدّل مرّات ثلاث أسبوعياً. وتجدر الإشارة إلى أنّ
هناك أنواعاً من الرياضة لا تساهم بشكل ملحوظ في إنقاص الوزن، ولكنها
تزيد من مرونة وليونة العضلات كالسباحة، وذلك بسبب برودة الماء التي
تقلّل من معدّل التمثيل الغذائي وتزيد من الشهية، ما يجعل الجسم يحتفظ
بأكبر قدر من السعرات الحرارية حفاظاً على الطاقة داخله.
4- تقوية البنية العضلية: توضح دراسة صادرة حديثاً عن "المعهد
الأميركي للرياضة"American Council on Exercise (ACE) أن العضلات هي
أكثر كثافة من الدهون، ما يعني أنها تشغل مساحة أقلّ من الدهون في
الجسم، فضلاً عن أن الدهون ليست عضواً من أعضاء الجسم ولا تحتوي
على أية أوعية دموية، ما يجعلها لا تحتاج إلى الطاقة. وبالمقابل، تحتوي
العضلات على عدد هائل من الأوعية الدموية، ما يجعلها في حاجة دائمة
إلى الطاقة لضمان حركتها بحال نشطة.وتخلص هذه الدراسة إلى أن
المواظبة على ممارسة تمرينات حمل الأثقال من 20 إلى 30 دقيقة
بمعدّل مرّات ثلاث أسبوعياً يساعد في تقوية بنية الجسم العضلية،
وبالتالي ارتفاع معدل التمثيل الغذائي حتى في أوقات الراحة من التمرين.
5- الحدّ من الضغوط اليومية: تؤثّر الضغوط النفسية سلباً على معدّل
التمثيل الغذائي لدى كثيرين، فالاكتئاب والقلق والأرق عوارض نفسيّة تسبّب
انخفاض معدل الاستقلاب الأساسي في الجسم. وفي هذا الإطار،
ينصح الأطباء بضرورة استشارة اختصاصي لوضع النظام الغذائي المناسب
للحدّ من الاضطرابات النفسية وتحسين معدّل الأيض الغذائي.
6- الحصول على قسط كاف من النوم: تؤكّد دراسة طبية نشرت في
"الصحيفة العالمية للسمنة" International Journal of Obesity 2011 أن
النوم بشكل متواصل لساعات ثمان يومياً يساهم في تنظيم عمل هرمونات
التحكّم في الوزن، إذ يؤدّي اضطراب النوم وعدم الحصول على القسط الكافي
منه إلى خفض نسبة هرمون "اللبتين" الذي يتحكّم في عمليّة الشبع وزيادة
مستويات هرمون "غريلين" المرتبط بالجوع، ما يساهم في تناول كميّات كبيرة
من الطعام خصوصاً أثناء الليل ما يحدث زيادة غير مرغوبة في الوزن. وتجدر
الإشارة إلى أن الجسم يستهلك من 40 إلى 60 سعرة حرارية في كل ساعة
يقضيها في النوم.
7- التنويع في الغذاء: يؤكّد الخبراء في "منظمة الصحة العالمية" أنّه
كلّما ازداد التنوّع في الغذاء، ازدادت فرصة الجسم في الحصول على العناصر
الغذائية التي يحتاج إليها في إنتاج الطاقة والحفاظ على معدّل الأيض مرتفعاً.
ويحذّرون، بالمقابل، من إهمال تناول الوجبات الصغيرة بين تلك الرئيسة،
تفادياً لإصابة الجسم بحال تشبه المجاعة والحرمان من الطعام، ما يزيد
من احتفاظه بالسعرات الحرارية المكتسبة من الغذاء بواسطة خفض
معدل التمثيل الغذائي.
8- المثابرة لتحقيق الهدف: يصاب الكثيرون بحالات اليأس والإحباط
من عدم إنقاص أوزانهم، رغم مواظبتهم على ممارسة تمرينات بناء العضلات
والتمرينات الهوائية. ويعزو خبراء اللياقة في "الجمعية الأميركية للطب
الرياضي" السبب إلى أن وزن العضلة يمكن أن يكون مساوياً لوزن الدهون
المفقودة في الجسم. لذا، يُنصح بأهمية المثابرة وعدم استعجال النتائج
للحصول على جسم رشيق وصحة سليمة.